مؤسسات المجتمع المدني.. "مُحرّك" المطالبات الحقوقية

نديم عبد الصمد
يشكل المجتمع المدني مثلثا بالغ الأهمية إلى جانب الحكومة وقطاع الأعمال إذا ما تم الاستفادة من تجاربه وخبراته في تقديم الخدمات للفئات الأكثر هشاشة، خاصة في وقت الأزمات.
يوصف المجتمع المدني بالأردن والعالم بـ”بيوت الخبرة” إذ يمتلك قدرات وتجارب وموارد يمكن توظيفها من أجل الوصول إلى المتضررين في المجتمع، بحكم قربه من المجتمعات المحلية وعلى وجه الخصوص الهشة.
وهنا تكمن أهمية فتح باب التعاون بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، كضرورة ملحة، خاصة، في ظل انعكاسات الوضع الصحي الراهن على مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وما تبعها من تقصير ونقص واضح في منظومة الحماية الاجتماعية.
تتشكل الحماية الاجتماعية من مجموعة من السياسات والبرامج التي تهدف إلى ضمان الحماية الرامية إلى القضاء على الفقر وتقليص تعرض الأفراد للمخاطر وتعزيز قدرتهم على حماية أنفسهم من آثار المخاطر الاجتماعية (الشيخوخة والمرض وعدم القدرة على العمل والبطالة والأعباء العائلية والرعائية.. وغيرها)
كشفت الأزمة الأخيرة والناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد عن قصور واضح في منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن التي لم تكن فعالة للتصدي لتداعيات الجائحة الاجتماعية والاقتصادية.
خلال السنوات الماضية وبسبب عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ازدادت فاعلية مؤسسات المجتمع المدني وكانت قادرة على بناء برامج استجابة لاحتياجات أفراد المجتمع وعلى دعم المجتمعات المحلية، بحكم قربها منها وتواجدها في الميدان، إلا أن هذه الخبرات والتجارب لم يتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب، فعلى سبيل المثال لم يكن أي من منظمات المجتمع المدني عضوا في خلية الأزمة التي تدير مجمل ملف فيروس كورونا.
وبررت منظمات المجتمع المدني في مذكرة أرسلتها الى الحكومة “إنها ومن خلال خبرتها الطويلة في مجال الحماية الاجتماعية تستطيع المساهمة في وضع السياسات الخاصة بمواجهة التأثيرات الاجتماعية لجائحة كورونا، وتلبية الاحتياجات الأساسية التي لم يتم التعاطي معها حتى الآن بشكل واف، خصوصا أن المرحلة الراهنة تركز على الجانب المعيشي والاقتصادي المحض”.
ومما يؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني وتحديدا تحقيق حد أدنى من الحمايات الاجتماعية؛ أنها قادرة على تقديم سياسات مكملة وبديلة للسياسات الحكومية، الأمر الذي يمكن الحكومة من زيادة فاعلية إجراءاتها، الى جانب قدرة منظمات المجتمع المدني التأثير على مسارات رسم السياسات العامة.
وفي هذا الاطار، قامت مجموعة من منظمات المجتمع المدني في بداية شهر شباط، بالمطالبة بسحب أو رد مشروع معدل لقانون العمل لعام 2020 من خلال حملات ضغط مكثفة؛ جعلت لجنة العمل النيابية تشعر بالـ”قلق” تجاه اتخاذ أي قرار في الموافقة على التعديلات المطروحة، وفتحت مجال أوسع لمناقشة التعديلات قبل إقرارها.
تعتبر منظمات المجتمع المدني سلطة رقابية على أداء الحكومة والبرلمان، وتستمد قوتها من المجتمع الذي تمثله، ومن قوة طرح البدائل.
كما تلعب دورا أساسيا في عملية صناعة التشريع والدفاع عن مصالح الفئات المهمشة، وهي أيضا مزود لخدمات الحماية الاجتماعية. لذلك على الحكومة تمكينها من المشاركة الفعالة في مختلف هذه المجالات، الى جانب توفير بيئة ممكنة تقوم على استقلاليتها وحريتها في العمل.
2021/4/19

اشترك في نشرتنا الاخبارية

وكن على اطلاع على آخر المستجدات في الحياة المدنية في الأردن